الحرف رموزه ودلالاته

أبرز ما قاد إليه البحث لفت الانتباه إلى إعادة النظر فيما وقع التعارف عليه في المبحث التحوى القديم أوفى المدرسة اللسانية "السوسوريّة" فلئن سعى النحاة قديما إلى تهميش الحرف باعتباره مجرّد رابطة لغوية مفرغة من أي معنى وبنى عديد "اللسانيين" نظرياتهم على الربط الاعتباطي بين الدال والمدلول, فإنّ أبرز ما رمينا إليه من خلال بحثنا هو التجديف ضد القول بالربط الاعتباطي بين الحروف وما رمزت إليه من دلالات انطلاقا من منظومات معرفيّةٍ ثقافيّة ودينيّة وحضارية متنوّعة. من خلالها تولت الكتابة الإبداعية تصحيح نظرة النحاة إلى الحرف فردّت له اعتباره بأن عادت إلى أصله البدائي الإنساني ذي البعد الوجودي وأفادت من رموزه في الكتابة الإبداعيّة. وإذا ما كان لا مناص من القول بالاعتباط فإننا نرى أن الاعتباط يكمن في القول بالاعتباط، لأنّ الاتجاه العشوائي نحو تقويض الرابط القصدي بين الحرف باعتباره رمزا والدلالة باعتبارها مرموزا إليه دون معرفة بموقع الحروف من مسار العلاقة بين الإنسان واللغة يلغي جوهر اللغة وموضوعها وغايتها وسبب وجودها أصلا ألا وهو الإنسان، وعندما يحضر الإنسان فإنه يحضر ببعديه الذاتي: النفسي والفكري والموضوعي : الواقعي والحضاري وانطلاقا من هذين البعدين ومن خلالهما وإيفاء بما يتطلبانه من حاجات تعبيرية .