عوائد تطاوين

اهتم هذا الكتاب بالجانب الاجتماعي لجهة تطاوين من الجنوب التونسي مستندا على الدراسات التي سبقت، وبحكم كون مؤلفه منخرطا في سلك ناظمه من حيث موقعه ممثلا لدولته في الجهة كضابط لمكتب الأمور الأهلية بتطاوين فإن ما كتبه يكتسي قدرا من الأهمية والدقة، باعتباره يكتب من منزع عسكري يفترض فيه الدقة لأنه مكلف بالمراقبة الأمنية أساسا. وقد جرت العادة تاريخيا أن الأمنيين لا يغالطون قياداتهم ، لأنهم كما قال ابن طيفور : يعرفون عز الطاعة، و برد ظلها، وطيب مرتعها، وما في خلافها من الندم والخسارة" و اتسم هذا الكتاب بتتبع الجماعات المحلية متخذا منها بعدا يصف ما لها وما عليها، ممعنا في تفاصيل القبائل المكونة لنسيج المجتمع التطاويني، وهو بذلك قدم خدمة جليلة في تتبع القبائل ومكوناتها العائلية، حيث بات من الصعب الآن معرفة هذه التقسيمات الداخلية. فالمنطقة كانت هادئة تحكمها أعراف واتفاقيات بينية، تحف السلم الاجتماعي تحت طائلة توازن الرعب القبلي، إلى غاية الاحتلال الفرنسي حيث انقلب الوضع وانفلت ما كان معقودا، فقد أدخل نظام الحماية الكثير من القوانين التي ارتاها تعبيرا عن مصلحته الخاصة، مما أفسد على المجتمع التطاويني تناغمه وطرائق تحصيل المعاش عنده ، فأدى ذلك إلى الانفلات الكبير خارج الإطار الجغرافي، وتأسيسا لمستقبل سياسي واجتماعي كبيرين.