الدين والحداثة والهوية والقيم

يقوم هذا البحث على استجلاء معالم التشابك بين الدين والحداثة والهوية والقيم في الفكر المعاصر عبر استقراء التجربة التحديثية اليابانية وتفكيك بناها ومكوناتها ومقوماتها لإدراك كنهها ورسم معالم الاستفادة منها في خضم الواقع العربي المعاصر الذي يمرّ اليوم بتحوّلات هيكلية مفهومية ومؤسساتية مفصلية، دون القول باستنساخ التجارب الحضاريّة وزرعها في بيئة مخالفة لبيئتها الحضاريّة والفكرية والفلسفيّة العامة بلا وعي وبلا ضوابط ... وقد اختلف مسار الحداثة اليابانية عن مسار الحداثة الغربية بشكل کامل. ففي نفس اللحظة التاريخية التي سعى فيها اليابانيون إلى تقديس نصوصهم الدينية واشتقوا من ديانة الشنتو كل المفاهيم الفكرية والثقافية والحضاريّة والسياسية والاقتصادية والتربوية الوطنية، وظلت هذه المفاهيم حيّة فاعلة إلى اليوم، كان الغرب ينزعون القداسة عن نصوصهم الدّينيّة، وينزعون كل مظاهر التّديّن من حياتهم العامة. والمدرك لأسس هذا المشروع التحديثي الياباني في استناده إلى بنى دينية مفصلة يتبين له تهافت رأي كلّ من يريد من مفكرينا ومثقفينا إقصاء الذين عن أي مشروع فكري أو حضاري أو سياسي أو اقتصادي متبعا في ذلك النموذج الغربي في التحديث ومتغاضيا عن غيره من النماذج، جهلا أو مُعَانَدَةً