Operation was not accomplished
Operation accomplished successfully
No amount input found

ريح الشمال

21 TND

About Book

«كانت الساعة الواحدة ليلا في ساعتي الجيبية القديمة، وكان الهواء البارد يلفح وجهي، وأنا أحث الخطى الأجتاز آخر منازل القرية التي تفصلني عن الغابة. وبدأت أترك شيئا فشيئاً أنوار القرية ورائي، متوغلا في الأدغال، ولم يعد يتناهى إلى مسامعي غير نباح ضعيف لكلاب بعيدة. كنت أسير في العتمة واجماً، والكيس فوق ظهري، دون أن أفكر في شيء آخر، غير وصولي إلى البيت، وتناول عشائي، ثم استسلامي للنوم. لم تكن تخيفني الطريق الوعرة التي تنتظرني بعد مغادرتي القرية، لأني صرت أقطعها منذ أكثر من سنتين، وأصبح الأمر لدي رتيباً وعادياً. مضيت أسير هكذا إلى أن وجدت نفسي في مواجهة التل. توقفت وسط الظلام الدامس لأسترد أنفاسي وأجفّف بكفي العرق المنهمر من جبيني، ومن منابت شعري المتدلي، وأستعد للمنازلة الأخيرة الصعبة. لم أعد أشعر بالبرد، وصار زمهرير الشتاء نسيماً يُداعب وجهي فينعشني شرعت في الصعود مَحْنِي الظهر، ومستخدما يدي في الإمساك بالأعشاب الطويلة المحاذية للدرب، لكيلا أنزلق فأعود متدحرجا من حيث أتيت من حسن حظي أن البيت لم يكن في أعلى التل، بل كان في منتصف المسافة الصاعدة تقريبا. عندما وصلت، وقفت أمام فتحة البيت ونظرت ورائي قليلا ، فلم أر غير العتمة الداكنة، تقطعها أنوار باهتة وبعيدة للقرية النائمة، ثم ولجت حبواً. تحسست في الداخل سطح الصخرة المصقولة طبيعيا، باحثا عن الشمعة فأشعلتها. عدت بعد ذلك إلى فتحة البيت، فأغلقتها بقطعة الخشب التي خصصتها لذلك، ثم أسندتها من الداخل بعمود غليظ وقوي، كنت اقتطعته من شجرة البلوط. أحسست بالدفء وأنا أخلع نعلي، وأرتمي على فراشي المصنوع من خشب الأشجار. أخرجت عشائي من الكيس ، ووضعته فوق ما يشبه الطاولة الحجرية. لا يزال الدجاج المصلي والبطاطا يحتفظان ببعض الحرارة. أخرجت علبة سلطة مشوية، وسكبتها في الصحن بعدما نظفته بماء في الإبريق، ورصفت قطع الخبز حول الصحن. من جيب الكيس أخرجت حبة موز، ثم فتحت المذياع الصغير وشرعت أتعشى بشراهة »

Short stories
Edition Details