صناعة الرعب

أضاع بعض الفلاسفة الطريق، حينما حاولوا ربط المسألة الإرهابية بالواقع المعاصر للدول المتقدمة وحصروا مقاربتهم التحليلية للإرهاب في كشف محدداته الناجمة عن شروط الحياة العصرية وما بعد الحداثية وفي «مجتمع الاستهلاك» وخصائصه. لذلك فإنّ إشارات بول فيريليو إلى علاقة العنف (الإرهابي) بمبدا السرعة التي تشكل أساس الحياة العصرية لا تجنى منه فائدة فكرية أو سياسية. وقد يكون من الصواب اعتبار أن الإنسان قد تحوّل إلى جندي خادم لدكتاتورية الزمن المسرع الذي يحدّد مسار الحضارة المعاصرة. وأن العنف الذي يمارسه كل من الإرهاب والثورات والجيوش هو سقوط في الفراغ السريع» أو «فراغ السرعة الحديثة. وقد يكون ذلك السقوط ملائما للنوع الحضاري الرأسمالي الجديد الذي يقود إلى اغتيال الزمن لتصبح حالة الطوارئ هي النمط الحضاري العادي والدائم الذي تعيشه البشرية وهو نمط لا يعرف الصبر ولا ينتظر التغيير الطبيعي والقانوني في مجالات السياسة والاجتماع بل أنه يتوجه إلى العنف (الإرهابي) اقتصارا للمسافات الزمنية في الحياة العامة