Operation was not accomplished
Operation accomplished successfully
No amount input found

ميشال فوكو من أجل معقولية أخرى ممكنة

10 TND

About Book

الفلسفة والمعقولية أو المعقولية الممكنة الأخرى لدى فوكو، ينبغي أن تفهم اليوم كنقد لكلّ أشكال الهيمنة والموضعة بحيث تسمح لنا بفهم ذواتنا بشكل آخر . ومن ثمة فلا معقولية إلا بكشف سيطرة معقولية الهيمنة . لن يوجد تفسير ولا تمثل للقوانين ولكن ستكون هنالك إستراتيجيات وتقنيات ومعارف مضادّة للهيمنة تستعمل كضرب من العملة العزيزة والمثمرة في ممارسة قيادتنا لذواتنا. لذلك يبتعد فوكو دوما عن إجراءات التفسير والتأسيس وبناء المفاهيم التعميمية. ولكنه على غرار كانط يقرّ بأهمية الاستعمال النقدي والعملى للعقل وعلى غرار هابرماس يعتقد أنّ المعرفة لا تكون دون مصلحة إذ توجد مصلحة للعقل في أن يكون مفيدا. وربمـا مـن هنـا أيضا يمكن أن نعود إلى النفس العملي الماركسي في فكر فوكو. إنّ المعقولية الجديدة هي معقولية مضادّة والفلسفة الجديدة ينبغي أن تكون فلسفة لتحرير الذات من السلطة وليست فلسفة لتبرير ما هو كائن أو تكريس الهيمنة على الانسان. لقد كانت إرادة الحقيقة تنخرط في تقليد يمجد التواصل ويقصي الانفصال والانقطاع ويذيب الفروقات في الوحدة لصالح النسق الواحد المتجانس / السلطة. ولقد آن الأوان اليوم لقلب هذا التقليد والاعتراف بأنّ كلّ ذلك ما هو إلا تلاعب سلبي بالحقيقة يريد أن يقتطع الخطاب ويجمعه لصالح الذين يريدون البقاء في موقع القوة. ولذلك فإنّ إرادة الحقيقة» هي ارادة الاستمرار في السلطة. وهكذا ففوكو لا يبحث عن أحداث أو دلالات خفية يكشفها أو أشياء لم يتم التفكير فيها أو لم تقل فيقولها ويبينها ولكنّه يبيّن التلاعبات التي تمارس على الحقيقة والخطاب. دراسة الجنون أو المرض العقلي أو الأدب هي كشف عن مجال آخر للمعقولية من جهة إمكانية جديدة للتفكير خارج الأطر التي وضعتها العقلانية العلمية الصارمة، فالمجنون والأديب والفيلسوف كلّهم يعيشون نفس الوضوح ولكن الرؤية تختلف من حيث زاوية النظر. المجنون والأديب ينظران من خلال الصور الخيالية والفيلسوف ينظر من خلال مفاهيم العقل. نحن إزاء ملكتين: العقل الذي يبحث عن الوضوح والتميّز والخيال الذي يتكوّن داخل الانبهار والبصيرة. العقل يفكر ويعرف الأفكار والجنون يعبر عن الانفعالات والخيالات ويرى ظلمات النفس العميقة التي ترعب الناس العاديين. مع فوكو، نشأ تمييز جديد لن يكون بين المعرفة والتفكير ولا بين العقل والذهن كما فعل كانط، وإنما سيكون تمييزا بين البصر العقلي وبصيرة الخيال

Philosophy
Edition Details